ترك الطموح في الدنيا وتغيير البيئة المحيطة
ترك الطموح في الدنيا وإنشاء البيئة الصالحة
اسعى الى نظافة وطهارة
قلبك فهو بداية النصر والصلاح والنوال، واعلم أن رأس صلاح القلب أنه لا يريد شيئا
إطلاقا من الدنيا، ولا يوجد في الإسلام ما يسمى بالطموح في الدنيا إطلاقا.
انزع من قلبك كل التعلق
بالدنيا، اترك من مخيلتك مصطلح العوز (أنا عايز)، والتخلي عن أي طموح ممكن أن تخيل
إليك به نفسك، فمن عاش متعلقا بأمر من أمور الدنيا ما عاش إلا كئيبا مهموما، كأنه
يأكل في نفسه.
وهنالك فرق بين أن تعوز
وأن تعمل لسد عوز غيرك، فنعم لا تعلق نفسك بأنك تريد أكبر بيت وأفخم سيارة وأجمل
امرأة، ولكن سد حاجة أولادك وأمك وأبيك وزوجتك، وإن كان معك بيت بسيط فلا تمني
نفسك بأن تعمل لتجمع ما يمكنك من أن تشتري بيتا أكبر وأفخم، بل اترك الأمر يسير في
مجرى عام، إن قدر الله وصار معك المال فحينها تشتري، أما إن لم يكن فماذا إذا؟ كأن
شيئا لم يكن.
واعلم يا عبد الله بأنه
لا يمكن أن تعيش حياة الإيمان كاملة وأنت تتنافس على أي أمر من أمور الدنيا، لا
تنافس في الدنيا، لا تنافس في الدنيا، واعلم بأن التنافس المأمور به لم يشار إليه
إلا في قول واحد يشير لأمور الدين والآخرة والجنة، حين قال الله تعالى: وفي ذلك
فليتنافس المتنافسون.
كيف تتخلى عن الطموح في الدنيا وتطبقه ؟
اعلم يا أخي أن عليك بأن
تتطبق ما تسمع وتقرأ، الأمر ليس مجرد كلام ثقافي نتعجب من جماله وحلاوته.، فالأمر
هو أن تكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه!، سيأتي في بالك هاجس يقول لك،
كيف هذا؟ كيف يمكن أن أحقق هذا وأن أربي نفسي على التخلي عن الدنيا والطمع فيها أمام
كل ما ربينا عليه، في وسط هذه البيئة التي تعيش بتعلق بالدنيا وتموت على تعلق بها،
وإن شئت قل: هي بيئة تعلق.
فالجواب بسيط..
انزع نفسك من هذه البيئة،
ازرع نفسك في بيئة صالحة، وقبل أن تسأل كيف؟ سأخبرك الآن كيف.
الأمر يكمن في أن تصنع
لنفسك بيئة، بيئة خيالية، نعم خيالية!
اصنع لك بيئة تجعل تعش
مع خمس يا أخي.. عش بمعنى التعايش والمعايشة والاندماج، اجعل ما ستتعايش معه هذا
جزء لا يتجزأ من حياتك اليومية، وهذه الخمس سأذكرها لك، لكن قبل أن أذكرها أوصيك
وصية أقولك لك فيها: يا أخي اتق الله في نفسك، واتق الله ولا تجعل الأمر مجرد
معلومة ثقافية ستتلقفها من أجل زيادة الحصيلة العلمية الهاوية وتنقلها لغيرك لتظهر
لهم بمظهر المثقف الذي هو من أشد الناس جهلا وضلالا إذ لم يتبع القول بالعمل.
صناعة بيئة الصلاح
عش مع رسول الله، تدارس
حياة النبي في كل أموره، تدارس النبي المربي، تعايش مع النبي صاحب الخلق الحسن،
تصاحب مع النبي الزوج، النبي القائد والسياسي، ماذا فعل في هذا الأمر، وكيف كان
تصرفه في الآخر.. عيش مع النبي في كبيرة وصغيرة.
وطريقة التعايش هي بكل
تأكيد من خلال مطالعة الكتب والسلاسل المرئية والصوتية ومع آيات القراءان التي
أشارت لمواقف وحياة النبي ومع الحديث وغيره وكل تلك الأمور التي نالت من حياة رسول
الله من جوانب الشمول والتفصيل والحكمة التي تجل لك الطريق، واسع للوصول إليها بما
تقدر.
عش مع الصالحين على مر
العصور، وعش ما قد ساروا على نهجه وما قد اتبعوه وفعلوه وعش مع صالحين عصرك فهم قد
مروا بما تمر به، وهي نفس الطريقة من خلال الكتب والسلاسل.
عش مع الآخرة، عش مع ما
سيحدث فيها، ماذا سيحدث لك عند الوقوف على الصراط، عند الحساب، عند المبعث، عش مع
كل هذه الأمور من كبيرها وصغيرها.
عش معها لتعرف ما هي
الأعمال التي ستنشلك من الكثير من اهوال القيامة، وما تلك الأخرة التي قد تهوى بك
في عذاب على عذاب، والطريقة ثابتة.
عش مع قضايا المسلمين،
وانظر إلى عظيم ما قدموه لترى حقيقة نفسك ومدى صغرك، وهو كثر في كل العالم من
حولك.
عش مع الله! - الله أكبر-
كيف تعيش مع الله؟
عش معه من خلال آياته
التي تتحدث عنه، لتدرك مدى عظمتها وقدرته، لتدري من هو الله؟ لتدرك مدى ضلالك
وجهلك في أن تعصيه، ومدى ضياع عقلك في ان تغفل عن ذكره، وأن تعيش في تعلق بشيء غير
قربه.
عش معه لتعرف كيف تنجو
ولا تكون مع من قال الله فيهم، وما قدروا الله حق قدره.. وقال فيهم وذلكم ظنكم
الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين.. عش مع الله لترى جمال الدنيا
والآخرة.
وكل ما سبق هو السبيل
للهروب من التعلق بالدنيا والتخلي عن الطموح فيها، وهو الطريق الأوحد تقريبا
لتغيير البيئة التي نشأته فيها.
نصائح المعايشة لعناصر الصلاح
وأكبر المصادر التي سترى
فيها كل هذه الأمور شاملة وجامعة... هو القرءان. فعليك بالقرءان، عليك بالقرءان.
واعلم بأن طريق الفلاح
والإنجاز والصلاح، هو أدومه وإن قل.. وأدومه الثابت في المقدار والزمان والمكان،
والخالي من كل المتعلقات والأمور الجانبية.
فثبت أمورك في تعلمك
وعملك لترى نور يشع مما تتعلم وتعمل، وترى الجبال تبنى بيسر وصلابة، وترجو من الله
ألا تتطاير يوم القيامة وأن يتقبلها الله منك ويضاعفها لك أضعاف كثيرة.
ومع كل ما سبق، فلا تكف
البحث عن الصالحين، وإن بلغ الأمر بك مبلغ الاستسلام من أن تجد الصالحين، فابحث عن
الناس في أوقات صلاحهم... وماذا يعني هذا؟
ابحث عن الناس في أوقات
انكسارهم، في أوقات تضرعهم وخوفهم.. ابحث عن المبتلى ابتلاء شديدا، عن المكروب
والمهموم أشد كربا، عن أهل العناية المركزة، وعن الطوارئ والاستقبال، وتعايش مع كل
هذا، ابحث عن التائب حديثا، عن اليتيم المكسور الذي من الضروري كل الضروري ألا
تعملها على كونه مكسور في حاجة للشفقة والعطف، ابحث عن الضعفاء والمرضى والأرامل.
ابحث عنهم لتعمل على أن
تأثر فيهم، وتترك لهم المجال ليأثروا فيك، زر المرضى أخي، وخفف عن عباد الله
المبتلين.
وإن لم تجد الصالح المجمل في صلاحه، فابحث عن الصالحين قطعا أو أجزاء، فتلمس الصالح الذي يخاف من أكل الحرام وصاحبه، تلمس الصالح الذي يخاف من النظر إلى الحرام، تلمس الصالح الذي يخاف من الكلم الحرام، تلمس الصالح الذي يخاف من السمع الحرام، تلمس الصالح الذي يسعى لرضا الله ويخاف من الله في كل أمر من أمور الدنيا، وإن لم تجد فابحث عن كل أمر من أمور الدنيا فرادى.. وتذكر أخي، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين.