كيف تتخلص من الحسد وتحب الخير للغير
كيف تتخلص من الحسد وتحب الخير للغير
يعرف الفرق بين الحسد والعين على أن الحسد هو أن
تتمنى زال نعمة ما عند غيرك، أما العين هو أن تنظر إلى ما عند أخيك وتقول: آه لو
كان عندي مثل ما عنده، وقد قال بعضهم (وهو مجرد قول) أنه ثبت علميا أن العين تخرج
منه تأثيرات تؤثر في المنظور إليه، فلو نظرت إلى طفل صغير ببغض وكره خرج منك تجاهه
ما يسمم بدنه ونفسه، وكذلك من الأمثلة الشعبية التي تتوافق مع تلك المعاني (وهي
أمثلة غريبة) قول أحدهم وهو يقدم الطعام: بالهناء والشفاء، أو قول الآخر: بالسم
الهاري، كل ذلك بالفعل قد يؤثر في الأكل وآكله.
والحسد مرض شديد، والعين مرض خفي، وعلاج العين هو
أن تقول عند رؤية ما يعجبك من أخيك: ما شاء الله (على ما ملك من نعيم أو جمال)،
ولا قوة إلا بالله (الذي يقدر ويعطي بقوته ما شاء لمن شاء) وتكثر من الدعاء
لإخوانك خصوصا من قد تشعر أن العين قد تظهر منك تجاهه.
أسباب الحسد والحقد
من أهم أسباب الحسد هي المقارنة بالغير، لا تقارن
أولادك وإخوانك بأقرانهم بشكل يورثهم البغضاء، بل عندما ترى في أقران أبناءك ما
يعجبك قل لابنك ما شاء الله على هذا الصبي ربنا يسعده ويزيده، وذلك بشكل يغرس في
ابنك تمنى الخير لصديقه وتطهير قلبه من الحسد والعين، ثم بعد فترة تشجعه أن يكون
مثله بعد ما تم غرس معنى حب الخير في داخله.
كذلك الأصل في النفوس هو حب الشهوات من مال ونساء
وعلى رأسها النفس، وإنما كان ذلك ليكون كالوقود الداعي إلى تعمير الأرض والخلافة
فيها، ولو تركت تلك الشهوات لتسير في طريقها دون رادع ومفرمل لها لقادت الإنسان في
الختام إلى الهلاك، ولكن جعلت تلك الشهوات كوقود السيارات التي تحركها وجاء الشرع
ليعمل كالفرامل التي توقف تلك الانطلاقة المفعولة من قبل الوفود عند حد معين
ومراد.
كيف تحب الخير لإخوانك
إن من أهم ما يجعلك تراعي إخوانك وتحب الخير لهم
وتكف عن الشر والأذى لهم هو أن يكون تعاملك معهم إنما هو صورة ظاهرية تقودها
وتحركها تلك الفكرة التي كمنت في داخلك من معاملة الله رب العباد من خلال العباد،
ولو أنك نظرت إلى طفلين يتشجران وكل منهم يريد أن يقيم الضرب والأذى بالآخر
انتصارا لنفسه ثم علمت أن أحدهم قد رأى والدهما يراقب فعلهم من بعيد لرأيته يكف
أذاه عن أخيه ويقول في نفسه "اتحمل تلك اللكمات البسيطة من أخي، ولا اتحمل
تلك العلقة التي ينتظرني بها أبي وليتحملها هو"، ولو كان أخوه مدركا كذلك
مراقبة أبيه له لفعل فعله، ولله المثل الأعلى.
كما أن حبك لإخوانك المسلمين هو من أيسر طرق رفعة
الدرجات في الجنة، فلو كان أخوك في الله في عليين وأنت من المزحزحين وحسب، يرفعك
الله بحبك لأخيك إلى تلك المرتبة التي تعجز بفعلك عن الوصول إليها (إذ أن دخول
الجنة بالرحمة، والقسمة بالعمل)، والمرء يحشر مع من أحب.
واعلم بأنك عندما تتملك منك صفة حب الخير لإخوانك
لن تتعجب مما فعله بعض الصحابة ممن ضحوا بأبدانهم وأرواحهم فداء لإخوانهم
المسلمين، فدرب نفسك.
وتذكر دائما أن دنياك لك دنيا، ودنيا أخيك عندك
دين، فمن عمل ليكسب عملا أو مالا لنفسه فهي دنيا، ومن عمل ليهيئ لأخيه المسلم مالا
فهي دين، وكذلك أكل طعام شهي أو الزواج بجميلة أو كل ذلك فتلك من أعمال الدنيا
التي لا يتحصل من خلالها على ثواب، ومن سعى بنفس تلك الأعمال كلها من أمور الدنيا
تلبية لحوائج أخيه وتوفيرها له فهي دين تؤجر عليه، فسبحان الله العظيم من جعل سعيك
لنفسك لا ثواب فيه، وسعيك لأخيك ثواب لا ريب فيه.
قصص عن حب الخير للغير
سار رجلا في طريق قاصدا بيت أخيه المسلم ليزوره،
نزل عليه ملك في صورة رجل وسأله أين تريد؟ قال بيت أخي. قال له الملك: لماذا؟ ألك
عنده مصلحة؟. قال: لا، غير أني أحبه في الله. فقال له الملك: أبشر، فإني رسول الله
إليك أخبرك بأن الله أحبك كما أحببته فيه.
وتعلم من الصديق أبي بكر من معاني تلك القصة التي
وردت، حيث دخل في تساوم مع من كان مالكا لبلال وأراد ان يشتريه منه ليعتقه، وبعد
أن أنهى الصفقة قال له من كان يملك بلالا: لو دفعت فيه (نكلة) لأعطيته لك، فإذا
بالصديق لم يقل له لما خدعتني؟، ولم يدخل معه في مفاوضات ليستجلب منه بعضا من
المال الكثير الذي دفعه، بل رد عليه ردا يرفع من شأن بلال ويجعل بلالا في سمو
وفرحا وعزة، قال له: ولو طلبت فيه مئة ألف لدفعته من أجله، إجلالا لقيمة بلال وعلو
ثمنه الذي لا يقدر بثمن.
آثار وأحاديث عن حب الخير للمسلم
- لا تؤمن حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
- تمنى لإخوانك الخير
- لا تظهر الشماتة في أي أخ لك من المسلمين.
- من دعا لأخيه بظهر الغيب فلك مثل الدعاء ويتم إجابة الدعاء لك أنت قطعا بشكل قد لا تراه في دعائك لنفسك.
- من حب الرجل لا يحبه إلا لله ذاق حلاوة الإيمان.
- يدخل الجنة كل مخموم صدوق اللسان، ومخموم القلب وهو صاحب قلب نقي تقي لا غل فيه ولا غش ولا حسد ولا بغضاء.
- أيما قرية باتت ومن بينهم من بات جوعانا فقد برأت منهم ذمة الله وذمة رسوله.
- لم يتوقف الإسلام في الإحسان على المسلمين: فقد أوصى بأن أكرموا أسراكم.