-->

التواضع والكبر

التواضع مع الناس

التواضع والتكبر

التواضع: هو ألا ترى لنفسك قدرا فوق الناس، وما من كبر إلا وهو مبني على جهل، وهو شيء يسير السخرية، وهو علامة من علامة أهل النار، لأن كل ما يتكبر به الإنسان هي أشياء لا يملكها، فلا المال ماله، ولا الجمال جماله، ولا العقل عقله، إنما كل ذلك فضل وعطاء من الله، لو شاء الله لأذهبه في لمح البصر، وقد أمر الإسلام المسلمين بأن يتواضعوا وألا يبغي بعضهم على بعض، وشعار الإسلام دائما: كلكم لآدم وآدم تراب، فكلكم تراب.. فلما الكبر؟

التحذير من الكبر

صار إبليس عمدة أهل النار بالكبر، وأهلك فرعون وجنوده بالاستكبار، وذلك لأن الكبر هو بطر الحق وغمط الناس، أن تشعر أنك أكبر من قبول الحق، ومن المساواة مع الناس، وهو من الأسباب التي تمنع دخول الجنة، فقد ورد في الأثر أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، وأيما قلبا كان فيه مثقال حبة من خردل أدخله الله النار.

وأصعب ما في الكبر أنه ليس عمل إنما هو قلب، فأقل شيء في الكبر هو نقيض التواضع؛ وكل ذلك يحرمك من أن تكون من أهل الدار الآخرة، فالدار الآخرة للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا.

وقد جعل الله من العقوبات المعجلة على المتكبرين هو صرفهم عن آياته وفهمها وتدبرها، وعدم قبول الله عز وجل لصلاة المصلي إلا إذا تواضع بها لعظمته ولم يستطل على خلقه،.

بل والكبر من أهم صفات المنافقين، فأنك إذا رأيتهم كأنهم خشب مسندة من جلسة التكبر والظهور.

الترغيب في التواضع

أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أمور عظيمة جدا في الإسلام، ولن يكون هنالك شك في حصولهم، وذكر منها: ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه، فما من شخص تواضع لله إلا ورفعه الله.

ما تواضع مسلم لأخيه إلا رفعه الله، وما علا مسلم على أخيه إلا وضعه الله يوما ما. وهنا ما للجنس، فلا مرة إلا ويحدث جزاءها، فهي قاعدة شرعية محكمة.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يراعي أفعل العبد، حتى أنه ليجلس جلسة العبد، ويأكل أكلة العبد، ونحن كلنا لله عبد، وكما أن النهي عن التكبر وارد، فإن النهي حتى عن التشبه بهم كذلك وارد في كل التصرفات، ومن ذلك قول الله تعالى: ولا تمش في الأرض مرحا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.

و يقول أبو بكر الصديق: وجدنا الكرم في التقوى، ووجدنا الغنى في اليقين، ووجدنا الشرف في التواضع.

التواضع سبيل نجاح الدعوة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع كونه رسول الله فقد كان ابن رئيس مكة، ومع ذلك جاء الأمر من الله أن اخفض جناحك من المؤمنين.

وبدون خفض الجناح لم تكن الدعوة إلى دين الله لتنجح، فقد قال تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، وقال: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار (رحماء بينهم)، وأخبر أن من صفات جيل النصر المنشود والطائفة المرتقبة بإذن الله تعالى لنصرة الدين من جديد أنهم: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.

ولا يقصر الإسلام التواضع على فئة معينة، بل إن التواضع يكون مع كل الطوائف، مع الأطفال، والنساء، مع الكبار، والعبيد، والجواري، والمساكين، مع كل الطوائف، ومن كثرة تواضع النبي تدخل القرءان ليعلم المسلمين ويكفهم عما اعتادوا عليه من أفعال مع الرسول بسبب تواضعهم، فنهاهم عن رفع الصوت وعن الدخول إلا أن يأذن لكم وعن غيرها من المواقف الكثيرة.. فتعلم من تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم.

عن تواضع النبي صلى الله عليه وسلم

من صور تواضع الرسول أنه فضل الكثير من الأنبياء في أحاديث تحمل معنى التفضل عليهم، وهو مع ذلك سيد ولد آدم وأفضلهم، ولكنه هو من قال: لا تفضلوني على يونس ابن متى.

لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر من باب ما يقول البعض اليوم "أنا ولا فخر كذا وكذا" بل قال تلك الجملة حينما أراد أن يبلغ ويبين في موقف استدعى ذلك، وقالها من باب الخبر: أي: أنا سيد ولد آدم (وذلك أمر لا أقوله من باب الفخر) فيقول: أنا سيد ولد آدم، ومع ذلك لا أقوله فخرا، فهو إنما يقوله من باب التبليغ وحسب.

وكان من مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه إذا التفت لأحد يتكلم التفت بكليته إليه وأقبل بوجهه عليه مركزا مع كلام، وإذا تكلم أحد لم يكن ليقاطعه حتى لو كان الكلام بسيطا، وكان إذا سلم لا ينزع يده حتى ينزع من سلم عليه.