-->

دليل طلب العلم

فوائد طلب العلم

دليل طلب العلم

دعاء طلب العلم هو "ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا" وهو عنوان طالب العلم وشعاره الرئيسي في طريقه لطلب العلم.

فالعبد في كل أحواله يفتقر إلى ربه وعونه، ومن أعظم ما يفتقر العبد فيه إلى ربها هو طريق الرشاد، وتذكر أن أول ما جاء عن أصحاب الكهف أنهم في بداية مسيرهم دعوا وقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا، أن تطلب من ربك أن يهيئ لك رحمة تعينك على السير في الطريق، وأن يرشدك ويهديك إلى الطريق الصحيح الراشد ذاته، وهو خير ما تفتح به أي عمل لك.

وقد أخبر الله في الآيات التالية للآية السالف ذكرها أنه قال، ذلك من آيات الله من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، ويكأن هؤلاء الفتية الذين استهلوا طريقهم بطلب الرشاد والهداية من الله، لما استهدوا الله استجاب لهم الله وهداهم، ولولا أن الله هداهم للرشاد وهيء لهم أسبابه لما اهتدوا وفلحوا، فما كان الفلاح إلا بهداية الله لهم، لذا إن شرعت أو سرت في أي عمل فابدأ بهذا الدعاء، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا.

استحضار طالب العلم لنعم الله

من اهم ما الأدلة على أنك قد هديت إلى الخير كله، هو أن تستحضر نعم الله عليك، أن تستحضر نعمة الإسلام، ونعمة الهداية وطلب العلم، ونعمة أنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وأن تدخر من وقتك للعلم وحفظه وفهمه، فكل ذلك من نعم الله عليك التي يجب عليك أن تشكرها ليزيدك، ويبلوك بها إن جحدت فيسلبك نعمه.

من أسباب الثبات على طلب العلم

  • معرفة قدر العلم وثمرته العظمى حتى يكون ذلك معينا لك على الصبر والاستمرار
  • إزالة كل العوائق التي تقف في طريق طلب العلم سواء من مشاكل اجتماعية، أو سياسية، أو صعوبة، أو مجهود، وذلك نابع أيضا من معرفة أهميته وقيمته
  • معرفة المصادر الصحيحة لكل باب من أبواب الدين لتعلمه
  • تعلم النيات والمقاصد المختلفة الصالحة من طلب العلم
  • معرفة الخلق الذي يجب أن يكون عليه طلب العلم من صفات وخلق للمسلم والعالم مما يرضي الله من خلق وصفات من حرص وصبر واجتهاد وأدب
  • معرفة أصناف العلوم والطلب وتنظيم الوقت
  • أن تعلم أن العلم دين وعمل ومسؤولية
  • أن تعلم أن العلم الشرعي هو طلب ما عند الله على هدى من الله

وكل تلك الأمور تتعلم أثناء الطلب، فلا يشترط أن تكون مكتسبه قبل طلب العلم، وكل ذلك موجه لطالب علم حقيقي لا طالب ثقافة.

أهمية نقاء القلوب في طلب العلم

والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا، وفيه تشبيه للمطر الذي ينزل على الأرض بالوحي الذي ينزل على القلب، فالمطر إن نزل على الأرض الطيبة خرج فورا نباتها الطيب كطيبها، والأرض التي خبثت لا يخرج نباتها إلا بعد عناء ومشقة وصعوبة بالغة بل وقد لا يخرج، بل وقد يخرج عاطب مشوه، وكذلك الوحي إن نزل على القلوب، فالقلب الطيب يتقبله ويخرج منه ثمار أثر الوحي عليه الطيبة في الفور والحال، وأما الخبيث فلا يخرج إلا بأسوء حال.

وهذا من أعظم ما يعرف به طالب العلم أصل معدنه من طيب أو خبث، فإذا ما سمع الآية أو الحديث وسمع ما بهم من أوامر أو نواهي تراه يسرع ويبادر ليبحث كيف يؤدي هذا الأمر، وإن لم يكن على مقدرة تراه في اشتياق وقلبه في تحرك لهذا العمل راجيا أن يؤديه فور ما يمكنه، نسأل الله طيب المعدن، ونعوذ بالله من خبث المعدن.

تعلم القرءان والسنة سبيل الفلاح

  • من تعلم القرءان عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل مقداره، ومن كتب في الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
  • لا تتعامل مع القرءان على أنه مجرد حروف تسارع الوقت في قضاء قراءتها والانتهاء منه، بل تعامل مع القرءان على أنه شفاء وطمأنينة وفلاح، بل والله فيه كل الشفاء والهداية.
  • والله إن أعظم مصدر لطلب العلم والتعلم وأصل كل العلوم هو كتاب الله، وكل آية تكتشف مرادها ومعانيها ترى فيها كل الهداية والسبل التي هي أصل الفلاح وتحقيق المطالب، ومثلا من أعظم وسائل الفلاح هو ما ذكرها القرءان في أربع كلمات: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله، لعلكم تفلحون.
  • العناية بكتاب الله، ثم بسنة رسوله هو أصل كل العلوم والفلاح وطلب أي هداية وشفاء وخير، فقاعدة وأصل أي علم هو من كتاب الله، وسنة رسوله. 

العمل بالعلم

لا بد أن يكون للعلم أثر على المؤمن، وتذكر أمن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولوا الألباب.. والناظر سيرى أن هناك سبب باطني تمثل في طلب الرحمة والخوف، وسبب ظاهر تمثل في القنوات والقيام، وختام الآية دليل على أهمية العلم في الباطن وفي الأثر الظاهر.

وكل علم لا يظهر أثره على صاحبه فهو دليل على أن طالبه لم يهتدي بهدى الله في العلم.

هل الفارق بين أهل العلم وغيرهم هو المعرفة فقط؟

الجواب من قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك هو الحق كمن هو أعمى، إنما يتذكر أولوا الألباب.. من هم العلماء هؤلاء الذين هم اولوا الألباب؟

هم الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربهم، ويخافون سوء الحساب، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم، وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية، ويدرءون بالحسنة السيئة، أولئك لهم عقبى الدار، وكل هذا والله هو أثر العلم الذي جعل لهم كل هذه الصفات والمواصفات.

صفات طالب العلم الحقيقي

طالب العلم هو مسلم له كل أخلاق المؤمنين التي جاءت في القرءان والسنة، إلا أن طالب العلم يزيد عن أخلاق العوام من الحرص على العلم، ومقاصد ونيات طالب العلم، وأن يجمع قلبه على هدفه من العلم بكتاب الله وسنته ونشره والصبر عليه وعلى حفظه، وأن يلازم العلم من المصادر الصحيحة، والتخفف من الدنيا ويقتصد من كل المباحات من أمور مادية ومعنوية.

وحضور الدروس ولقاء أهل العلم والخير في أماكنهم لا الاقتصار على التسجيلات والمحاضرات المسجلة، وأن تعتني بسيرة الأنبياء وأهل العلم القدامى والمعاصرين، والتبحر في نيات العلم الخيرية، وإعطاء العلم حقه من مال ووقت وجهد، وأن تحفظ ما لا يحفظ غيرك بكل السبل، أن تري معلمك أثر العلم عليك وحرصك عليه والقيام بحقه حتى يعطيك ما لا يعطي غيرك، وأن تنوي بث العلم وسعيك به في الناس وهداية الناس به وبذله للناس بكل ما يقدر.

وأن لا يظهر منك أي كسل أو حجة للوقوف عن طلب العلم، وأن تسير في الطريق مهرولا لا أن تسير حبوا، أن يكون باذلا للناس وباذلا من نفسه وماله ووقته وجهده، وأن يكون لك بصيرة وتقوى واحتساب وصبر على الصعوبات في العلم وعوائقه، ولتعلم أن الله سيميز الله كل من دخل باب طلب العلم ولن يبقى إلا من كان أهل للحق والصبر على تلك الابتلاءات، بل ولا تزيده هذه الابتلاءات إلا قوة، وباختصار أن تجعل ولست أبالي حين أقتل مسلما هو شعارك.

وأن يكون الاحتساب لله هو أساس أعمالك، فمع الاحتساب والله تزول أصعب المصاعب، وإذا عزمت فتوكل على الله، ولا تجعل أي شيء في هذه الدنيا تعيقك عن الطريق، وأن تتذكر أخلاق طالب العلم كلها وتتذكر أن من أول من تسعر بهم النار هو من تعلم العلم لغير الله، وأن تكون على قدر المسؤولية، وأن لا تتحجج بكل الحجج التي تقابلك، وأن تقلل من المباحات قدر الإمكان، ولا تكثر من التفاصيل والمسائل، أن لا تكن مدلل ورقيق وهين في سيرك في طلب العلم.

الاهتداء إلى فضل العلم

من أين نعرف سبل كل المذكور من فضل العلم، والحكمة منه، وضبطه والحرص عليه، ومعرفة أخلاق العالم والمتعلم وكل ذلك؟

لن تجد أعظم من كتاب الله وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا عليك بكل ما جاء فيهما مما يختص بالعلم، ومن أمثلة الكتب التي تناولت الموضوع كتاب حلية طلب العلم، تذكرة السامع والمتكم بأخلاق العالم والمتعلم، وكتاب العلم من صحيح البخاري ومسند الدارمي، والأولى أن تجمعه بنفسك من كتاب الله وسنة رسوله.

فوائد عن طلب العلم

  • ليس العلم هو جمع معلومات وثقافة وحفظ وحسب، بل هو ما يؤثر عليك لأن تعمل وتزيد من دينك.
  • لا ينبغي لمن عنده أي شيء من العلم أن يضيع، وضياعه من كتمه، أو عدم العمل به، بل وأولى ما عليك أن تتعلمه هو ما يلزمك من أعمالك من حين تصبح ومن حين تمسي
  • إن لهذا العلم ثمنا، وهو أن تضعه فيمن يحسن حمله ولا يضيعه.
  • إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، وهو من الله ولله.
  • كل من طلب الفقه في الدين لا يمكن أن يشتري بهذا العلم شيء سوى الفردوس
  • العلم ميثاق ومسؤولية، ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم، مالك من الله من ولي ولا واق، فالعلم حجة عليك.
  • ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق، كأن الله يعاتب هؤلاء الذين تعلموا وحرفوا وضلوا بعد ما تعلموا وصاروا يكذبون ويحرفون ويقولون على الله ما ليس بحق، نسوا أن هذا العلم إنما هو ميثاق؟
  • العلم والصبر عليه ومجاهدة النفس في إقامته حتى مع الوقوع والقيام والصبر والفوز مرات والهزيمة مرة هو أفضل من الجهل بكل تأكيد، فلا يظن أحد أن استمراره في الجهل هو حجة له بدفع حجية العلم عليه وأنه لم يعلم فهو لن يحاسب بسبب جهله.
  • إن أشرف ما تصون به نفسك: هو أن تلقي بنفسك في معالي الأمور وأن تدفع ضريبة الصبر عليها.
  • إن كنت تبذل واحد في المئة في تحصيل العلم، فوالله أولى بك أن تستمر وتجتهد وتبذل باقي المئة في المئة في صيانة العلم وحفظه من حظ النفس.
  • من نور الله قلبه هداه الله بما يبلغه من الشيوخ والكتب والدروس من أقل شيء، ومن أعماه الله فلن تزيده كثرة العلم والمعرفة إلا حيرة وضلالة.
  • من ضل بعلمه فمثله كمثل الكلب الذي إن تحمل عليه يلهث، وصور الضلالة كثيرة، أن تبذل العلم لغير الله، أو أن تبذله في الصد عن سبيل الله، أو أن تبذله لطلب الدينا، وكل ذلك.
  • أكثر من دعاء، ربما أنعمت علي فلا تجعلني ظهيرا للمجرمين.
  • من زادته المعرفة خيرا فهو دليل على طيب معدنه، ومن زاده العلم ضلالة وكبر واحتقارا لغيره واستعلاء فكله يدل على خبث معدنه.
  • وتلقي العلم يحتاج إلى تربة صالحة تتمثل في القلب.
  • الكتاب لا تأخذ منه بقدر ما فيه، بل بقدر ما عندك من القدرات والمهارات والنيات.
  • الله يعطيك أضعاف مضاعفة إن رأى منك البادرة فقط، إنهم فتية آمنوا بربهم (وزدناهم هدى)، ويزيد الله الذين اهتدوا هدى، فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى (فسنيسره لليسرى)، أوفوا بعهدي (أوفي بعهدكم).